القاضي المجهول والشامكس المهترئة

أصدر المحقّق العدلي القاضي طارق بيطار مذكّرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بعدما تغيّب الأخير عن حضور جلسة الاستماع إلى إفادته كمدّعى عليه في ملف انفجار المرفأ.

لم أسمع بهذا القاضي قبل تسلّمه ملفّ التحقيق بمجزرة المرفأ. لا بل كان مجرّد تعيينه من قبل المنظومة المسؤولة عن الإنفجار، بعدما أطاحت بسلفه لأسباب تافهة، سببًا كافياً للتشكيك به. لم أعرف الكثير، والبحث على الإنترنت لم يأتِ بأي نتيجة مفيدة، باستثناء سيرة مقتضبة عن حياته. فالسؤال الأكثر إلحاحًا، حسب «غوغل»، كان عن «طائفة طارق بيطار». لكنّي حتى الآن، لست متأكدًا من طائفته. أظنّه مسيحيًا، لكنّني لست متأكدًا.

وجّه الأمين العام لمجلس النواب كتابًا إلى النيابة العامة التمييزية يحذّر فيه من أنّ استدعاء دياب ليس من اختصاص بيطار.

استنفر النظام منطقه القانوني لكي يعرقل التحقيق، كما فعل مع سلفه. فنحن في وجه مجموعة زعران يتلطّون وراء منطق الدولة والقانون، لكي يفرضوا سيطرتهم: قبل الظهر، نبيه برّي رجل دولة تتقيّد بالقانون، بعد الظهر، نبيه برّي واقف عمحطة الوردية يأخذ خوّات من الناس لتعبئة البنزين… لكنّ آلاف النصوص الدستورية والكرافاتات لن تغيّر حقيقتهم كقطّاع طرق ومحتكري أدوية ومجرمي حروب، من الحرب الأهلية إلى الحرب في سوريا، وصولًا إلى الحرب الاقتصادية التي شنّوها على الناس.

في وجه هؤلاء، يقف اليوم قاضٍ مجهول بات أقرب إلى «خطأ» برمجة، أو إلى «عرقلة قانونية» موجودة في هوامش تلك النصوص الدستورية التي يتختبئون وراءها. ليس مهمًّا مَن هو طارق بيطار أو طائفته أو مدى شعبيته. هو اليوم مجرّد انعكاس لهم، إشارة إلى استحالة طمس التحقيق في أكبر مجزرة شهدناها منذ انتهاء الحرب الأهلية. يمكن ربّما عزله أو عرقلة تحقيقه… أو أسوأ من ذلك، لكنّ هذا «الخطأ» لن يزول، لأنّ وجودهم بات «الخطأ» الأصلي.

أوعى الموقع
المفتي دريان — موقع رئاسة الحكومة لا يقل أهمية وقدراً عن أي موقع رئاسي آخر في لبنان.
نادي رؤساء الحكومات السابقين — لا للتعرّض لرئاسة الحكومة دون غيرها من الرئاسات والمراكز.
حسن نصرالله — القاضي العدلي يقوم بالتسيس واستضعاف رئيس حكومة تصريف الأعمال واتهام رئيس الحكومة.
اللقاء التشاوري — لم يكن البيطار ليجرؤ عليها لو كان دياب اميراً من امراء الطوائف في هذه الدولة.

تذكروا جميعًا دياب وموقعه. لم يسأل الحريري عن الموقع عندما كان يخوّن كلّ مرشح سنّيّ غيره لهذا الموقع. كما تجاهل نصرالله أنّه قد يكون أكثر من مرمغ هذا الموقع بالوحل، عندما حاول إسقاط رؤساء سابقين في الشارع أو من خلال العنف. لكن في وجه هذا القاضي الغريب الذي لا يبدو أنّه سيتراجع، اصطفّوا جميعًا وراء مبدأ احترام المواقع. فالخوف ليس على الموقع أو عن من يملأه حاليًا، الخوف هو من هذا المجهول الذي قد يحصل إذا سقطت الحصانات والمقامات.

الدفاع هو عن الموقع، وليس عن حسّان دياب. فهو مجرّد اسفنجة، خلقوها لامتصاص وسخهم، ريثما تعود الأمور إلى مجراها وتصبح العودة ممكنة إلى رئيس وزراء من طراز أفضل. فبعد الانتهاء السريع لوهْم الإصلاح التكنوقراطي، تحوّل دياب وفريقه إلى اسفنجة، يراد منها تنظيف واجهة النظام، قبل رميها. فقد امتصّت اسفنجة دياب وطأة أزمتهم، ومن بعد ذلك امتصّت رفع الدعم، وإن كانت تعارضه، وستمتصّ غدًا كامل الإجراءات المؤلمة التي يريدون تمريرها قبل حكومة جديدة. فهو رهينة هذا الدور، دور الشامكس المهترئة، رهينة غروره، ليكون درسًا لجيوش التكنوقراط التي ما زالت تطمح لدور الاسفنجة عند هذا النظام.

هذا الدفاع جدير بأن يقلق دياب. فعندما يتوحّد أركان النظام حول الدفاع عن اسفنجتهم، فهذا يعني أن فائدتها الامتصاصية باتت تشرف على نهايتها، وحان الوقت لرميها. ربّما كان على دياب التفكير جديًا بالهرب قبل أن ينتهي ككبش محرقة نظام مهترئ.


مهما حاولوا التهرّب من التحقيق، ستبقى جريمة المرفأ لعنةً تحوم فوق أي استرجاع لهذا النظام. ستبقى جريمته الأوليّة والنموذجية، جريمة لا تحتاج لتحقيق قضائي لكي نكشف أسبابها، جريمة ستبقى محفورة على أوجههم.

قاضٍ مجهول يعرقِل نظاماً يختبئ وراء شامكس مهترئة… والموعد بـ20 أيلول المقبل.

تسويق سمير جعجع: ضعف المعارضة لا قوّته

تمكّن سمير جعجع بالأدوات نفسها التي يستعملها حزب الله كان المشهد كافياً لإحراج الكثير من الأطراف السياسيّة فباستثناء معارضة القوّات لسلاح حزب الله معارضة هشّة من هذا النوع هي تحديد اً ما يفتح الطريق الفارق الكبير طبعاً في حجم القوّة والقدرة

عن خوض المعارضة للعمل البرلماني

أمّا إذا تمكّن طرفٌ ناشئ من إضعاف قوّة هذه الأحزاب في البرلمان إضعافاً مُعتبراً، فإن ذلك سيؤدي إلى تعطيله، عبر استعمال النظام لأدوات الهيمنة التي يحوزها.