4 آب: الجريمة السياسيّة

منذ الأشهر الأولى التي تلت انفجار المرفأ، طفا على سطح السجالات في لبنان إدعاء الحرص على عدم تسييس ملف التحقيق في انفجار المرفأ، أو عدم تسييس قضيّة الانفجار نفسها.

لا بل بات هذا الحرص من المسلّمات التي يتم دسّها في البيانات الحزبيّة كمقدّمة للطعن الضمني في هذا القرار القضائي أو ذاك، أو على الإقل الإيحاء بأن ثمّة ما يذهب باتجاه هذا التسييس المحرّم، ما يفرض علينا الحذر واليقظة. وهنا، يصبح علينا أن نتعامل مع ملف الانفجار والتحقيق فيه كما نتعامل مع حادث سير مؤسف، بمعزل عن أبعاده المرتبطة بالنظام السياسي ومسؤوليات أقطابه وكبار المسؤولين فيه.

ولعلّ محاولة نزع الطابع السياسي عن الانتهاكات الكبرى التي يتعرّض لها الأفراد والجماعات في لبنان، مسألة لها تاريخها:

  • فعلى هذا النحو، طُلب من متظاهري 17 تشرين الأوّل عدم تسييس حراكهم، والإكتفاء بالشعارات المطلبيّة المطالبة بالدواء والكهرباء وفرص العمل، دون البحث عما هو أعمق من ذلك.
  • وعلى هذا النحو أيضاً، خشي البعض من شبح التسييس عند الحديث عن كل أزمة، كأزمة النفايات مثلاً، وطلب هؤلاء حصر التداول في هذه الملفات بالجانب التقني البحت، مع التحذير الدائم من ربط هذه الملفات بأزمة النظام المتسبب بها.

لكن ما العمل حين تكون الجريمة في أصلها وأساسها جريمة سياسيّة؟ وما العمل حين يكون دافع الجريمة سياسيّاً وأداة تنفيذها سياسيّة، وكل عناصر تسهيلها مرتبطة بالنظام السياسي نفسه؟

ما المعنى من المطالبة بعدم تسييس الجريمة هنا، أو عدم تسييس البحث عن الحقيقة وأسباب الجريمة، غير تجويف القضيّة من مغزاها وأبعادها؟

ألا يصبح طلب عدم تسييس القضيّة هنا تزويراً أو إخفاء لجانب من الحقيقة؟


في القانون، ميّز البعض الجريمة السياسيّة وفقاً لمعيار الدافع، فعرّفوا هذه الجريمة على أنها تلك التي يحمل الفاعل على ارتكابها باعث أو دافع سياسي.

ووفقاً لهذا المعيار بالتحديد، لا يمكن لجريمة انفجار المرفأ إلا أن تكون جريمةً سياسيّة، طالما أن الهدف النهائي لاستقدام باخرة الموت، لم يكن الّا استعمال مخزونها الذي يتناسب مع الحاجات الحربيّة تحديداً. علماً أن جميع التقارير الاستقصائيّة أثبتت توازي طرق الباخرة مع مسارات رجال أعمال النظام السوري، كما أثبتت أن تخزين النترات ترافق مع تهريبه إلى خارج المرفأ بالتدريج.

في القانون أيضاً، ثمّة من ذهب لتعريف الجريمة السياسيّة وفقاً لطبيعة الضرر الذي أنتجته الجريمة. فرأى أصحاب هذا الرأي الجريمة السياسيّة هي تلك التي تقع على الحقوق السياسيّة للمواطنين، أو على نظام الدولة السياسي.

من الحقوق السياسيّة للمواطنين، أن لا يكون في أجهزة الدولة الأمنيّة من يتلاعب بمستندات باخرة كروزوس ليسهّل دخولها المرفأ بعد أن يخفي ما تحتويه، أو ليفتح باب تفريغ أخطر ما يمكن تفريغه في عنابر المرفأ من خلال ثغرة قانونيّة. ومن حقوقهم السياسيّة، أن لا تلزّم الدولة أعمالها بالتراضي لشركات نفطيّة بعقود مريبة، ثم يتبيّن أن هذه الشركات كانت من استدعى روزوس إلى لبنان.

باختصار، لا يمكن أن لا نسيّس الحديث عن جريمة هي في الأصل، جريمة سياسيّة. بعد سنة على انفجار المرفأ، أي كلام ينزع الطابع السياسي عن الجريمة، لا يعني سوى تبرئة النظام السياسي المسؤول عن إدارة كإدارة مرفأ بيروت، وأجهزة أمنية كتلك التي سهلت دخول الشحنة وتخزينها واستخدامها على مدى سنوات، والمسؤولة عن طريقة الاحتفاظ بها. وأن نبعد السياسة عن الحديث عن جريمة 4 آب، يعني أن ننزع الدافع السياسي عن استقدام الشحنة من الأساس، وفي ذلك تزوير لا لبس فيه.

تسويق سمير جعجع: ضعف المعارضة لا قوّته

تمكّن سمير جعجع بالأدوات نفسها التي يستعملها حزب الله كان المشهد كافياً لإحراج الكثير من الأطراف السياسيّة فباستثناء معارضة القوّات لسلاح حزب الله معارضة هشّة من هذا النوع هي تحديد اً ما يفتح الطريق الفارق الكبير طبعاً في حجم القوّة والقدرة

عن خوض المعارضة للعمل البرلماني

أمّا إذا تمكّن طرفٌ ناشئ من إضعاف قوّة هذه الأحزاب في البرلمان إضعافاً مُعتبراً، فإن ذلك سيؤدي إلى تعطيله، عبر استعمال النظام لأدوات الهيمنة التي يحوزها.